فصل: 134- باب استحباب إعادة السلام عَلَى من تكرر لقاؤه عَلَى قرب بأن دخل ثم خرج ثُمَّ دخل في الحال، أَو حال بينهما شجرة ونحوها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.132- باب كيفية السلام:

يُسْتَحَبُّ أنْ يَقُولَ المُبْتَدِئُ بالسَّلاَمِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَيَأتِي بِضَميرِ الجَمْعِ، وَإنْ كَانَ المُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا، وَيقُولُ المُجيبُ: وَعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، فَيَأتِي بِوَاوِ العَطْفِ في قَوْله: وَعَلَيْكُمْ.
كمال السلام يأتي بضمير الجمع ليعم من يحضره من الملائكة، وإن أفرد الضمير جاز.
851- عن عِمْرَان بن الحصين رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، فَقَالَ: «عِشْرُونَ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ثَلاثُونَ».. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
في هذا الحديث: أن زيادة الحسنات بزيادة التحية.
852- وعن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: قَالَ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «هَذَا جِبريلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ». قالت: قُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
وهكذا وقع في بعض رواياتِ الصحيحين: «وَبَرَكاتُهُ» وفي بعضها بحذفِها، وزِيادةُ الثقةِ مقبولة.
في هذا الحديث: جواز سلام الرجل الأجنبي على المرأة عند أمن الريبة، وزاد البخاري في روايته: أنها قالت: ترى ما لا نرى يَا رسول الله.
853- وعن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تكلم بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثًا حَتَّى تُفهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سلم عَلَيْهِمْ ثَلاَثًا. رواه البخاري.
وهذا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الجَمْعُ كَثِيرًا.
في هذا الحديث: كمال حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ومزيد شفقته، والاقتصار على الثلاث في الكلام إشعار بأن مراتب الفهم كذلك: أعلى , وأوسط، وأدنى. ومن لا يفهم في ثلاث لا يفهم ولو زيد على ذلك.
854- وعن المِقْدَادِ رضي الله عنه في حدِيثهِ الطويل، قَالَ: كُنَّا نَرْفَعُ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَصِيبَهُ مِنَ اللَّبَنِ، فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لا يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ اليَقْظَانَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ. رواه مسلم.
في هذا الحديث: أن المسلِّم على النيام لا يرفع صوته بحيث يوقظ النائم بل يجعل صوته بين الجهر والإِخفات.
855- وعن أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ في المَسْجدِ يَوْمًا، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ، فَألْوَى بِيَدِهِ بالتسْلِيمِ. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
وهذا محمول عَلَى أنَّه صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالإشَارَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أنَّ في رِوَايةِ أَبي داود: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا.
في هذا الحديث: جواز الإِشارة بالسلام مع التلفظ به ليتنبه المسلَّم عليه.
856- وعن أَبي جُرَيٍّ الهُجَيْمِيِّ رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله. قَالَ: «لا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ؛ فإنَّ عَلَيْكَ السَّلاَمُ تَحِيَّةُ المَوتَى». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح)، وَقَدْ سبق لفظه بِطُولِهِ.
في هذا الحديث: نهي المبتدئ بالسلام عن قوله: عليك السلام، لأن ذلك تحيَّة الموتى. وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم تقديم لفظ السلام على الموتى حين قال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» فهو أحسن.

.133- باب آداب السلام:

857- عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ، وَالقَليلُ عَلَى الكَثِيرِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية للبخاري: «والصغيرُ عَلَى الكَبيرِ».
قال المهلب: تسليم الماشي لتشبيهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع، وتسليم القليل لأجل حق الكثير لأن حقهم أعظم.
قوله: «والصغير على الكبير». قال ابن بطال: وذلك لأن الصغير مأمور بتوقير الكبير والتواضع له.
858- وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهِلي رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَوْلى النَّاسِ بِاللهِ مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلامِ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ.
ورواه الترمذي عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قِيلَ: يَا رسول الله، الرَّجُلانِ يَلْتَقِيَانِ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ؟، قَالَ: «أَوْلاَهُمَا بِاللهِ تَعَالَى». قَالَ الترمذي: «هَذَا حديث حسن».
صار البادئ بالسلام أولى بالله لما صنع من المبادرة إلى طاعة الله والمسارعة إليها. وروى البيهقي في " شعب الإِيمان " عن ابن مسعود يرفعه: «إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب».

.134- باب استحباب إعادة السلام عَلَى من تكرر لقاؤه عَلَى قرب بأن دخل ثم خرج ثُمَّ دخل في الحال، أَو حال بينهما شجرة ونحوها:

859- عن أَبي هريرة رضي الله عنه في حديثِ المسِيءِ صلاته: أنّه جَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: دليل على استحباب إعادة السلام في مثل ذلك.
860- وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ، أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ». رواه أَبُو داود.
المراد بالحيلولة: ما يمنع الرؤية بحيث يعد فاصلًا عرفيًا.

.135- باب استحباب السلام إِذَا دخل بيته:

قَالَ الله تَعَالَى: {فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61].
هذه الآية عامة في جميع البيوت، فإذا دخل بيتًا فيه أهله فليسلِّم عليهم. وإذا دخل بيته فليسلِّم على أهله. وإذا دخل بيتًا خاليًا فليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
861- وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قَالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا بُنَيَّ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أهْلِكَ، فَسَلِّمْ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ، وعلى أهْلِ بَيْتِكَ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
فيه: الأمر بالسلام إذا دخل بيته لتناله بركة التحية.

.136- باب السلام عَلَى الصبيان:

862- عن أنس رضي الله عنه أنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وقال: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
فيه: استحباب السلام على الصبيان وتدريبهم على تعلم السنن، وتأديبهم بآداب الشريعة.
وفيه: حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وتواضعه.

.137- باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط:

863- عن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: كَانَتْ فِينَا امْرَأةٌ- وفي رواية: كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ- تَأخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي القِدْرِ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَإذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ، وَانْصَرَفْنَا، نُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَدِّمُهُ إلَيْنَا. رواه البخاري.
قَوْله: «تُكَرْكِرُ» أَيْ: تَطْحَنُ.
السلق: بقل معروف. قال في «القاموس»: يجلو، ويحلل، ويلين، ويفتح ويسر النفس نافع للنِّقْرِسِ والمفاصل.
864- وعن أُم هَانِىءٍ فاخِتَةَ بنتِ أَبي طالب رضي الله عنها، قالت: أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ... وَذَكَرَتِ الحديث. رواه مسلم.
وجه الدليل من هذا الحديث تقريره صلى الله عليه وسلم إذ لو حرم سلام الأجنبية مطلقًا لبينه لها فإذا أمنت الفتنة فلا كراهة في السلام منها وعليها.
865- وعن أسماءَ بنتِ يزيدَ رضي الله عنها، قالت: مَرّ عَلَيْنَا النّبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نِسوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن)، وهذا لفظ أَبي داود.
ولفظ الترمذي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ في المَسْجِدِ يَوْمًا، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ، فَأَلْوَى بِيَدِهِ بالتَّسْلِيمِ.
فيه: جواز التسليم على الأجنبيات إذا أمنت الفتنة بهن أو منهن.

.138- باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم، واستحباب السلام عَلَى أهل مجلسٍ فيهم مسلمون وكفار:

866- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَبْدَأُوا اليَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بالسَّلامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ في طَرِيق فَاضطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ». رواه مسلم.
في هذا الحديث: النهي عن ابتداء الكافر بالسلام، وهو قول الجمهور قطعًا للتواد، وجوز بعض العلماء ابتداءهم به لضرورة وحاجة وسبب.
867- وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال النووي: اتفق العلماء على الرد على أهل الكتب إذا سلموا. لكن لا يقال: وعليكم السلام.
بل يقال: عليكم، أو: وعليكم. انتهى.
ووجه هذا الحديث: ما جاء في حديث آخر: «أن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم: السام عليكم، فقولوا: وعليكم». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
والسام: الموت.
868- وعن أُسَامَة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكينَ- عَبَدَة الأَوْثَانِ- واليَهُودِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِم النبيُّ صلى الله عليه وسلم. متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: مشروعية السلام على المجلس الذي فيه مسلمون وكفار.